فصل: قال الخطيب الشربيني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال البيضاوي:

{حَم} أماله ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر صريحًا، ونافع برواية ورش وأبو عمرو بين بين، وقرئ بفتح الميم على التحريك لالتقاء الساكنين، أو النصب بإضمار اقرأ ومنع صرفه للتعريف والتأنيث، أو لأنها على زنة أعجمي كقابيل وهابيل.
{تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز العليم} لعل تخصيص الوصفين لما في القرآن من الإِعجاز والحكم الدال على القدرة الكاملة والحكمة البالغة.
{غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب شَدِيدِ العقاب ذِى الطول} صفات أخرى لتحقيق ما فيه من الترغيب والترهيب والحث على ما هو المقصود منه، والإِضافة فيها حقيقية على أنه لم يرد بها زمان مخصوص، وأريد ب {شَدِيدُ العقاب} مشددة أو الشديد عقابه فحذف اللام للازدواج وأمن الالتباس، أو إبدال وجعله وحده بدلًا مشوش للنظم وتوسيط الواو بين الأولين لإِفادة الجمع بين محو الذنوب وقبول التوبة، أو تغاير الوصفين إذ ربما يتوهم الاتحاد، أو تغاير موقع الفعلين لأن الغفر هو الستر فيكون لذنب باق وذلك لمن لم يتب فإن «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» والتوب مصدر كالتوبة. وقيل جمعًا والطول الفضل بترك العقاب المستحق، وفي توحيد صفة العذاب مغمورة بصفات الرحمة دليل رجحانها.
{لاَ إله إِلاَّ هُوَ} فيجب الإِقبال الكلي على عبادته.
{إِلَيْهِ المصير} فيجازي المطيع والعاصي.
{مَا يجادل في ءايات الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ} لما حقق أمر التنزيل سجل بالكفر على المجادلين فيه بالطعن وإدحاض الحق لقوله: {وجادلوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق} وأما الجدال فيه لحل عقده واستنباط حقائقه وقطع تشبث أهل الزيغ به وقطع مطاعنهم فيه فمن أعظم الطاعات، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام «إن جدالًا في القرآن كفر» بالتنكير مع أنه ليس جدالًا فيه على الحقيقة.
{فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ في البلاد} فلا يغررك إمهالهم وإقبالهم في دنياهم وتقلبهم في بلاد الشام واليمن بالتجارات المربحة فإنهم مأخوذون عما قريب بكفرهم أخذ من قبلهم كما قال: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والأحزاب مِن بَعْدِهِمْ} والذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم بعد قوم نوح كعاد وثمود.
{وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ} من هؤلاء.
{بِرَسُولِهِمْ} وقرئ {برسولها}.
{لِيَأْخُذُوهُ} ليتمكنوا من إصابته بما أرادوا من تعذيب وقتل من الأخذ بمعنى الأسر.
{وجادلوا بالباطل} بما لا حقيقة له.
{لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق} ليزيلوه به.
{فَأَخَذَتْهُمُ} بالإِهلاك جزاء لهم.
{فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} فإنكم تمرون على ديارهم وترون أثره. وهو تقرير فيه تعجيب.
{وكذلك حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ} وعيده أو قضاؤه بالعذاب.
{عَلَى الذين كَفَرُواْ} بكفرهم.
{أَنَّهُمْ أصحاب النار} بدل من كلمة {رَبَّكَ} بدل الكل أو الاشتمال على إرادة اللفظ أو المعنى.
{الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ} الكروبيون أعلى طبقات الملائكة وأولهم وجودًا وحملهم إياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له، أو كناية عن قربهم من ذي العرش ومكانتهم عنده وتوسطهم في نفاذ أمره.
{يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} يذكرون الله بمجامع الثناء من صفات الجلال والإِكرام، وجعل التسبيح أصلًا والحمد حالًا لأن الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح أصلًا.
{وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} أخبر عنهم بالإِيمان إظهارًا لفضله وتعظيمًا لأهله ومساق الآية لذلك كما صرح به بقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} وإشعارًا بأن حملة العرش وسكان الفرش في معرفته سواء ردًا على المجسمة واستغفارهم شفاعتهم وحملهم على التوبة وإلهامهم ما يوجب المغفرة، وفيه تنبيه على أن المشاركة في الإِيمان توجب النصح والشفقة وإن تخالفت الأجناس لأنها أقوى المناسبات كما قال تعالى: {إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ} {رَبَّنَا} أي يقولون {رَبَّنَا} وهو بيان ل {يَسْتَغْفِرُونَ} أو حال.
{وَسِعْتَ كُلَّ شيء رَّحْمَةً وَعِلْمًا} أي وسعت رحمتك وعلمك فأزيل عن أصله للإغراق في وصفه بالرحمة والعلم والمبالغة في عمومها، وتقديم الرحمة لأنها المقصودة بالذات ها هنا.
{فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ واتبعوا سَبِيلَكَ} للذين علمت منهم التوبة واتباع سبيل الحق.
{وَقِهِمْ عَذَابَ الجحيم} واحفظهم عنه وهو تصريح بعد إشعار للتأكيد والدلالة على شدة العذاب.
{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جنات عَدْنٍ التي وَعَدْتَّهُمْ} وعدتهم إياها.
{وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ وأزواجهم وَذُرّيَّاتِهِمْ} عطف على هم الأول أي أدخلهم ومعهم هؤلاء ليتم سرورهم، أو الثاني لبيان عموم الوعد، وقرئ {جنة عدن} و{صَلُحَ} بالضم و{ذريتهم} بالتوحيد.
{إِنَّكَ أَنتَ العزيز} الذي لا يمتنع عليه مقدور.
{الحكيم} الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه حكمته ومن ذلك الوفاء بالوعد.
{وَقِهِمُ السيئات} العقوبات أو جزاء السيئات، وهو تعميم بعد تخصيص، أو تخصيص بمن {صلح} أو المعاصي في الدنيا لقوله: {وَمَن تَقِ السيئات يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ} أي ومن تقها في الدنيا فقد رحمته في الآخرة كأنهم طلبوا السبب بعد ما سألوا المسبب.
{وذلك هُوَ الفوز العظيم} يعني الرحمة أو الوقاية أو مجموعهما.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ} يوم القيامة فيقال لهم: {لَمَقْتُ الله أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} أي لمقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم الأمارة بالسوء.
{إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمان فَتَكْفُرُونَ} ظرف لفعل دل عليه المقت الأول لا له لأنه أخبر عنه، ولا للثاني لأن مقتهم أنفسهم يوم القيامة حين عاينوا جزاء أعمالهم الخبيثة إلا أن يؤول بنحو: بالصَّيْفِ ضيّعْتِ اللَّبَن. أو تعليل للحكم وزمان المقتين واحد.
{قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين} إماتتين بأن خلقتنا أمواتًا ثم صيرتنا أمواتًا عند انقضاء آجالنا، فإن الإماتة جعل الشيء عادم الحياة ابتداء أو بتصيير كالتصغير والتكبير، ولذلك قيل سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل، وإن خص بالتصيير فاختيار الفاعل المختار أحد مفعوليه تصيير وصرف له عن الآخر.
{وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين} الإحياءة الأولى وإحياءة البعث. وقيل الإِماتة الأولى عند انخرام الأجل والثانية في القبر بعد الإِحياء للسؤال والإِحياءان ما في القبر والبعث، إذ المقصود اعترافهم بعد المعاينة بما غفلوا عنه ولم يكترثوا به ولذلك تسبب بقوله: {فاعترفنا بِذُنُوبِنَا} فإن اقترافهم لها من اغترارهم بالدنيا وإنكارهم البعث.
{فَهَلْ إلى خُرُوجٍ} نوع خروج من النار.
{مّن سَبِيلٍ} طريق فنسلكه وذلك إنما يقولونه من فرط قنوطهم تعللًا وتحيرًا ولذلك أجيبوا بقوله: {ذلكم} الذي أنتم فيه.
{بِأَنَّهُ} بسبب أنه.
{إِذَا دُعِىَ الله وَحْدَهُ} متحدًا أو توحد وحده فحذف الفعل وأقيم مقامه في الحالية.
{كَفَرْتُمْ} بالتوحيد.
{وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ} بالإِشراك.
{فالحكم للَّهِ} المستحق للعبادة حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد الدائم.
{العلى} عن أن يشرك به ويسوى بغيره.
{الكبير} حيث حكم على من أشرك وسوى به بعض مخلوقاته في استحقاق العبادة بالعذاب السرمد.
{وَهُوَ الذي يُرِيكُمْ ءاياته} الدالة على التوحيد وسائر ما يجب أن يعلم تكميلًا لنفوسكم.
{وَيُنَزّلُ لَكُم مّنَ السماء رِزْقًا} أسباب رزق كالمطر مراعاة لمعاشكم.
{وَمَا يَتَذَكَّرُ} بالآيات التي هي كالمركوزة في العقول لظهورها المغفول عنها للانهماك في التقليد واتباع الهوى.
{إِلاَّ مَن يُنِيبُ} يرجع عن الإِنكار بالإِقبال عليها والتفكر فيها، فإن الجازم بشيء لا ينظر فيما ينافيه.
{فادعوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} من الشرك.
{وَلَوْ كَرِهَ الكافرون} إخلاصكم وشق عليهم.
{رَفِيعُ الدرجات ذُو العرش} خبران آخران للدلالة على علو صمديته من حيث المعقول والمحسوس الدال على تفرده في الألوهية، فإن من ارتفعت درجات كماله بحيث لا يظهر دونها كمال وكان العرش الذي هو أصل العالم الجسماني في قبضة قدرته لا يصح أن يشرك به، وقيل الدرجات مراتب المخلوقات أو مصاعد الملائكة إلى العرش أو السموات أو درجات الثواب.
وقرئ {رَفِيعَ} بالنصب على المدح.
{يُلْقِى الروح مِنْ أَمْرِهِ} خبر رابع للدلالة على أن الروحانيات أيضًا مسخرات لأمره بإظهار آثارها وهو الوحي، وتمهيد للنبوة بعد تقرير التوحيد والروح الوحي ومن أمره بيانه لأنه أمر بالخير أو مبدؤه والآمر هو الملك المبلغ.
{على مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} يختاره للنبوة، وفيه دليل على أنها عطائية.
{لّيُنذِرَ} غاية الإلقاء والمستكن فيه لله، أو لمن أو للروح واللام مع القرب تؤيد الثاني.
{يَوْمَ التلاق} يوم القيامة، فإن فيه تتلاقى الأرواح والأجساد وأهل السماء والأرض أو المعبودون والعباد أو الأعمال والعمال.
{يَوْمَ هُم بارزون} خارجون من قبورهم أو ظاهرون لا يسترهم شيء أو ظاهرة نفوسهم لا تحجبهم غواشي الأبدان، أو أعمالهم وسرائرهم.
{لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَىْءٌ} من أعيانهم وأعمالهم وأحوالهم، وهو تقرير لقوله: {هُم بارزون} وإزاحة لنحو ما يتوهم في الدنيا.
{لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} حكاية لما يسأل عنه في ذلك اليوم ولما يجاب به، أو لما دل عليه ظاهر الحال فيه من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط، وأما حقيقة الحال فناطقة بذلك دائمًا.
{اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} كأنه نتيجة لما سبق، وتحقيقه أن النفوس تكتسب بالعقائد والأعمال هيئات توجب لذتها وأملها لكنها لا تشعر بها في الدنيا لعوائق تشغلها، فإذا قامت قيامتها زالت العوائق وأدركت لذاتها وألمها.
{لاَ ظُلْمَ اليوم} ينقص الثواب وزيادة العقاب.
{إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب} إذ لا يشغله شأن عن شأن فيصل إليهم ما يستحقونه سريعًا.
{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزفة} أي القيامة سميت بها لأزوفها أي قربها، أو الخطة الآزفة وهي مشارفتهم النار وقيل الموت.
{إِذِ القلوب لَدَى الحناجر} فإنها ترتفع عن أماكنها فتلصق بحلوقهم فلا تعود فيتروحوا ولا تخرج فيستريحوا.
{كاظمين} على الغم حال من أصحاب القلوب على المعنى لأنه على الإِضافة، أو منها أو من ضميرها في لدى وجمعه كذلك لأن الكظم من أفعال العقلاء كقوله: {فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين} أو من مفعول {أَنذَرَهُمْ} على أنه حال مقدرة.
{مَا لِلظَّالِمينَ مِنْ حَمِيمٍ} قريب مشفق.
{وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} ولا شفيع مشفع، والضمائر إن كانت للكفار وهو الظاهر كان وضع الظالمين موضع ضميرهم للدلالة على اختصاص ذلك بهم وأنه لظلمهم.
{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعين} النظرة الخائنة كالنظرة الثانية إلى غير المحرم واستراق النظر إليه، أو خيانة الأعين.
{وَمَا تُخْفِى الصدور} من الضمائر والجملة خبر خامس للدلالة على أنه ما من خفي إلا وهو متعلق العلم والجزاء {والله يَقْضِى بالحق} لأنه المالك الحاكم على الإطلاق قلا يقضي بشيء إلا وهو حقه {والذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَىْءٍ} تهكم بهم لأن الجماد لا يقال فيه إنه يقضي أو لا يقضي. وقرأ نافع وهشام بالتاء على الالتفات أو إضمار قل {إِنَّ الله هُوَ السميع البصير} تقرير لعلمه ب {خَائِنَةَ الأعين} وقضائه بالحق ووعيد لهم على ما يقولون ويفعلون، وتعريض بحال ما {يَدْعُونَ مِن دُونِهِ}. اهـ.

.قال الخطيب الشربيني:

سورة غافر المؤمن:
مكية قال الحسن: إلا قوله: {وسبح بحمد ربك} لأن الصلوات نزلت بالمدينة، وقد قيل في الحواميم: أنها كلها مكية عن ابن عباس وابن الحنفية.
وتسمى: سورة الطول وسورة غافر.
وهي: خمس وقيل: اثنتان وثمانون آية.
وألف ومائة وتسع وتسعون كلمة.
وأربع آلاف وتسعمائة وستون حرفًا.
{بسم الله} الملك الأعظم الذي يعطي كلًا من عباده ما يستحقه فلا يقدر أحد أن يناقض في شيء من ذلك ولا يعارض.
{الرحمن} الذي عمهم برحمته في الدنيا بالخلق والرزق والبيان الذي لا خفاء معه.
{الرحيم} الذي يخص برحمته من يشاء من عباده فيجعله حكيمًا وفي ملك الأرض وملكوت السموات عليمًا. وقوله تعالى: {حم} قرأه ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بإمالة الحاء محضة، وورش وأبو عمرو بين بين والباقون بالفتح وقد سبق الكلام في حروف التهجي، وقال ابن عباس: {حم} اسم الله الأعظم وعنه قال: الر وحم ون حروف الرحمن مقطعة وقيل: حم اسم السورة، وقيل: الحاء افتتاح أسمائه حليم وحميد وحي وحكيم وحنان والميم افتتاح أسمائه ملك مجيد منان، وقال الضحاك والكسائي: معناه قضى ما هو كائن كأنهما أشارا إلى أن معنى حم: حم بضم الحاء وتشديد الميم، وهل يجوز أن يجمع حم على حواميم؟ نقل ابن الجوزي عن شيخه الجواليقي أنه خطأ وليس بصواب بل الصواب أن يقول: قرأت آل حم. وفي الحديث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم «إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات» وقال الكميت:
وجدنا لكم في آل حم آية ** تأولها منا تقي ومعرب

ومنهم من جوزه، وروي في ذلك أحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم «الحواميم ديباج القرآن». وقوله صلى الله عليه وسلم «الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع جهنم والحطمة ولظى والسعير وسقر والهاوية والجحيم، فتجيء كل حم منهن يوم القيامة على باب من هذه الأبواب فتقول لا يدخل النار من كان يؤمن بي ويقرؤني». وقوله صلى الله عليه وسلم «لكل شيء ثمرة وثمرة القرآن ذوات حم هن روضات حسان مخصبات متجاورات، فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم». وقوله صلى الله عليه وسلم «الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب». وقال ابن عباس: لكل شيء لباب ولباب القرآن الحواميم، قال ابن عادل: فإن صحت هذه الأحاديث فهي الفصل في ذلك أي: فتدل على جواز الجمع، وقال البيضاوي في حم السجدة: ولعل افتتاح هذه السبع بحم وتسميتها به لكونها مصدرة بيان الكتاب متشاكلة في النظم والمعنى أي: أخذًا مما قيل إن حم اسم من أسماء القرآن وقوله تعالى: {تنزيل الكتاب} أي: الجامع من الحدود والأحكام والمعارف والإكرام إما خبر لحم إن كانت مبتدأ، وإما خبر لمبتدأ مضمر وإما مبتدأ وخبره {من الله} أي: الجامع لجميع صفات الكمال، ولما كان النظر هنا من بين جميع الصفات إلى العزة والعلم أكثر لأجل أن المقام لإثبات الصدق وعدًا ووعيدًا قال تعالى: {العزيز} أي: في ملكه {العليم} بخلقه، فبين تعالى أنه بقدرته وعلمه أنزل القرآن الذي يتضمن المصالح والإعجاز ولولا كونه عزيزًا عالمًا لما صح ذلك.